طهارة نسبه صلى الله عليه و سلم من الشرك و الكفر
انه كلما كان الداعية إلى الله او المصلح او القدوة في شرف من قومه كان ذالك ادعى إلى إستماع الناس له فإن من عادتهم ان يزدروا بالمصلحين و الداعة والقادة إذا كانو من بيئة مغمورة اونسب وضيع
و لذا بعث الله نبيه صلى الله عليه و سلم في شرف من قومه فإنه نخبة بني هاشم و سلالة قريش و اشرف العرب و اعزهم نفرا من قبل ابيه وامه , و من اهل مكة اكرم بلاد الله على الله , و الله تعالى يقول : ( الله اعلم حيث يجعل رسالته ) و قد جعلها سبحانه في سليل اسرة جمعت امجاد العرب في خلائقها , فلم يزل صلى الله عليه و سلم ينتقل من اصلاب الأباء الطيبين الى ارحام الامهات الطاهرات , لم يمس نسبه من سفاح الجاهلية شيء حتى خرج من بين ابوين كرمين
فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" بعثت من خير قرون بني ادم قرنا فقرنا , حتى كنت من القرن الذي كنت فبه " رواه البخارى
بل ان اعداء النبي صلى الله عليه وسلم كانو يشهدون بذلك, و ما تركو شيئا إلا وآذوا النبي صلى الله عليه وسلم فيه و انكروه عليه و طعنوه فيه إلا نسبه الشريف فإنهم شهدوا بطهارة اصله وشرف محتده
وعندما سأل عنه ملك الروم أبا سفيان بن حرب : "كيف نسبه فيكم " ؟ فقال هو فينا ذو نسب فإنه من أشرفنا نسبا ......الخ .و مما قاله هرقل : هكذا تبعث الأنبياء في شرف من أقوامهم
فشرف الأنساب في الإسلام له معيار هام لكن لا يلتفت اليه بدون شرف الأعمال , و الذي يجمع بينهما فلا شك أنه من المصطفين الأخيار و هو أكرم وأعلى مكانا, وفد بين النبي صلى الله عليه و سلم في حديثه الصحيح (الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام إذا فقهوا )
روى مسلم عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعل , و اصطفى كنانة من بني إسماعل و اصطف من بني كنانة قريشا, و اصطفى من قريش بني هاشم , واصطفني من بني هاشم ) . وقوله صلى الله عليه و سلم : ( خلق الله الخلق فاختار من الخلق بني ادم , و اختار من بني ادم العرب , واختار من العرب مضر , واختار من مضار قريشا , واختار من قريش بني هاشم , فأنا خيار من خيار من خيار ) رواه الطبراني والحاكم و البيهقي و أبونعيم
فهذا الاصطفاء و هذه الخيرية لا يوصف بها الكافرون او المشركون , قال تعالى : ( و لعبد مؤمن خير من مشرك و لو أعجبكم) وكذالك فإن المشركين لا يوصفون بالطهارة قال تعالى : ( إنما المشركون نجس)
و مما تمسك به البعض – و قالوا بسببه بعد نجاة والدي المصطفى صلى الله عليه و سلم او بانهما كانا غير مؤمنين – ما رواه مسلم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه ( أن رجلا قال : يا رسول الله اين أبي ؟ قال : في النار , فلما قفى دعاه فقال : إن أبي و أباك في النار )
وروي مسلم أيضا عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي و استأذنته أن أزور قبرها فأذن لي )
اما الجواب عن الحديث الأول- كما قال السيوطي رحمه الله في مسالك الحنفا – قوله : ( إن أبي و أباك في النار ) لم يتقف عليه الرواة و إنما ذكره حماد بن سلمة , عن ثابت , و قد خالفه معمر عن ثابت فلم يذكر : " إن أبي و أباك في النار " ولكن قال : ( إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار ) فهذه الرواية توافق رواية معمر عن ثابت عن أنس , و إسناد هذه الرواية علي شرط الشيخين فتعين الاعتماد عليها و تقديمها على غيرها , وتكون رواية حماد شاذة و هي معارضة بأدلة سيأتي ذكرها في بيان مسالك العلماء في والدي المصطفي صلى الله عليه و سلم , و معلوم أن الحديث الصحيح إذا عرضته أدلة أخرى هي ارجح منه وجب تأويله و تقديم تلك الأدلة عليه كما هو مقرر في الأصول
.
و قد ثبت في الصحيح أن أهون أهل النار عذابا أبو طالب , وأنه في ضحضاح من النار , و هذا مما يدل علي أن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ليسا في النار ,لأنهما لو كان فيها لكان أهون الناس عذابا , لأنهما أقرب مكانا من أبي طالب , و أبسطي منه عذرا , فإنهما لم يدر كا البعثة , و لا عرض عليهما الاسلام فامتنعا , بخلاف أبي طالب , و هذا يسمى عند أهل الأصول دلالة الاشارة.
Posting Komentar