ثلاثة المناهج المتميزة فى تبليغ الدعوة إلى الله عزوجل Muhammad Yusuf (080)

ثلاثة المناهج المتميزة فى تبليغ الدعوة إلى الله عزوجل

Muhammad Yusuf (080)

  الحكمة.1

 لقد أمر الله عزوجل حبيبه ومصطفاه أن يدعوا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن؛ فقال سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز  (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) سورة النحل : 125.

المراد من هذه الأية أمر الله عزوجل حبيبه ومصطفاه أن يدعوا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن، ولابد للداعية إلى الله عز وجل أن يقتدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يسلك مسالك هذه الأمور الثلاثة فى عمل دعوته.  

المراد بالحكمة فى مجال تبليغ الدعوة:

يقول صاحب لسان العرب : الحكمة : العدل ورجل حكيم، عدل حكيم وأحكم الأمر أتقنه والحكيم المتقن للأمور.

وفى الاصطلاح : أن يكون الداعية واعيا لدعوته فاهما لقصده ملما بأفضل الطرق المؤدية إلى الغرض على خير وجه وبالقواعد التى تلزم لأنماط المدعوين وطوائفهم.

 نموذج لحكمته صلى الله عليه وسلم فى تبليغ الدعوة:

مارواه البخاري عن عبد الله قال لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمة حنين قال رجل من الأنصار ماأراد بها وجه الله فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فتغير وجهه ثم قال رحمه الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر.

وهذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أدب سام حيث قابل كل مايرميه بعض الجفاة بالكلمة الغليظة قابلها بالصفح تلبية لقول الله عز وجل له (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل) وقوله (فاصفح الصفح الجميل) وعرض دعوته عليهم فى لين ورفق وحكمة سامية، وهو بلا شك فى ذلك مثل يحتذي وإمام يقتدى.

 .2الموعظة الحسنة

المراد بالموعظة الحسنة فى مجال تبليغ الدعوة:

جاء فى لسان العرب : الوعظ والعظة والموعظة : النصح والتذكير بالعواقب.

وفى الاصطلاح : تطلق على القول الحق الذى يلين القلوب ويؤثر فى النفوس ويكبح جماح النفوس المتمردة ويزيد النفوس المهذبة إيمانا وهداية.

غايتها وفضلها وأثرها والشروط التى يجب توافرها حتى تكون الموعظة الحسنة مؤثرة:

غايتها صلاح المعاش والمعاد والفوز بسعادة الدارين.

وفضلها عظيم وشرفها جسيم فإنها متعلقة بطب الأرواح وعلاج النفوس لتصل إلى السعادة.

من أثر الموعظة الحسنة :

1.     تصح النفوس وتسلم القلوب من المخاطر.

2.     تتهذب النفوس وتنبه العقول من غفلتها وتستيقظ من رقدتها.

3.     هي العلاج الناجح لصلاح العالم.

ومن الشروط التى يجب توافرها حتى تكون الموعظة الحسنة مؤثرة :

1.     أن تكون ذات موضوع واحد.

2.     أن يحسن الواعظ عرضها وصياغتها فى أسلوب سهل.

3.     أن يدعمها بالحجة النقلية من القران والسنة والعقلية التى يقتنع بها السامعون مع التلطف فى القول والرفق فى المعاملة.                                                                                               

4.     أن يتخلق بما يقول مظهرا ومخبرا فبمقدار إخلاصه فى القول والعمل ينتفع سامعوه.

5.     العلم بالكتاب والسنة وسيرة الخلفاء الراشدين والسلف الصالح وبالقدر الكافي من الأحكام الشرعية تم العلم بذلك كله.

نموذج لموعظته الحسنة صلى الله عليه وسلم فى تبليغ الدعوة:

 روي أبو أمامة أن غلاما شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يانبي الله : أتأذن لي فى الزنا ؟ فصاح الناس به فقال النبي صلى الله عليه وسلم قربوه أدن فدنا حتى جلس بين يديه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتحبه لأمك ؟ قال : لا جعلني الله فداءك قال كذلك الناس لايحبونه لأمهاتهم، أتحبه لأبنتك ؟ قال : لا جعلني الله فداءك قال كذلك الناس لايحبونه لبناتهم، أتحبه لأختك ؟ قال : لا جعلني الله فداءك قال كذلك الناس لايحبونه لأخواتهم، وزاد ابن عوف أنه ذكر العمة والخالة وهو يقول فى كل واحدة لا جعلني الله فداءك فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال اللهم طهر قلبه واغفر ذنبه وحصن فرجه فلم يكن شيئ أبغض إليه منه يعني الزنا.

 .3المجادلة بالتى هي أحسن

المراد بالمجادلة بالتى هي أحسن فى مجال تبليغ الدعوة:

يقول صاحب المصباح المنير فيقول : جادل مجادلة وجدالا إذا خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب هذا أصله.

وفى الاصطلاح : هي عبارة عن القول الذي يهدي إلى الحق بالمسالمة وتحريك داعية النظر من أجل إظهار الصواب وبيان الحق ومقابلة الأدلة لظهور أرجحها.

نموذج مجادلة بالتى هي أحسن فى تبليغ الدعوة:

دعوة إبراهيم عليه السلام لأبيه :

دعا إبراهيم أباه و "كان أبوه ممن يعبد الأصنام".

وقد أشار القران إلى هذه الدعوة بقوله (واذكر فى الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا  إذقال لأبيه ياأبت لم تعبد ما لا يسمع ولايبصر ولا يغنى عنك شيئا. يا أبت إني قد جاءني من العلم مالم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا  يا أبت لاتعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا  يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا  قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وماتدعون من دون الله وادعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ).

فى هذه الدعوة نجد أن الله عز وجل قد بين أن إبراهيم عليه السلام قد حاور أباه وجادله ودعاه إلى الحق وإلى الصراط المستقيم بألطف عبارة وأحسن إشارة.

ومن هذه المناهج الثلاثة لابد على الداعية إلى الله عز وجل أن يتحلى فيها فى دعوته أسلوبا وعملا بألطف عبارة وأحسن إشارة إلى المدعو لكى ينجح وينال نتيجة رائعة فى دعوته، وهذا لسبب على أن القلب اللين أن لا يقابله اللينة بالغلظة بل يقابله باللينة، لأن القول باللين والرفق يؤثر إلى القلب اللين، حتى ولوكان على القلب المريض.